لا سكاكين في مطابخ هذه المدينة دعوة مفتوحة للانتحار الأخلاقي.



قفلت آخر صفحة  بالرواية و لساني يذكر لفظة غريبة أتى بها أرسطو في معرض تفسيره للغاية من الدراما أو التراجيديا الكاتارزيس أو التطهير محاولة إحداث الصدمة عبر إثارة الرعب و الشفقة في ذهن المتلقي قد يكون هذا قصد الكاتب حيث  لم أجد في هذه الرواية سوى درس سيكولوجي محض يريد كسر الصمت عن كل الطابوهات مرة واحدة لدرجة ابتعدت الرواية قليلا عن الواقعية لتقترب من المتخيل الممكن لو افترضنا أن المكان (مدينة حلب) ليست سوى رمز لكل البلاد العربية فليس من المعقول و المنطقي أن تمثل أسرة واحدة كل هذه الانهيارات الإنسانية و تضم في ثنايا أفرادها كل هذا البؤس الأخلاقي و اليأس المفضي للرغبة في الموت ليصبح الموت وسيلة للخلاص و ليس نتيجة , رواية تفيض قيحا من جرح سوري عميق بعد الانقلاب العسكري في الستينات الانقلاب الذي كرس نظاما شموليا عاث في تاريخ البلد فسادا وبلبلة تركت  سكان حلب مكتفين  بالحنين الصامت للماضي البعيد , تبدأ الرواية بشخصية الأم الأرسقراطية التي أحبت الفلاح فنزلت معه الى القاع رمزية واضحة لما حدث بسوريا بعد الانقلاب الأم التي وصلت لمرحلة هذيانها و سقوطها الخاص الذي نزع الأقنعة من كل الوجوه و الشخصيات و تولى هذا النزع الراوي و هو أحد أولادها و الذي فضل التواري بعيدا  باسمه و شخصيته و حياته و اكتفى بدور المتفرج الراوي لما حدث لأسرته رشيد الأخ الموسيقي الحالم بغد أفضل و اليائس في النهاية لدرجة تمني الموت بطرق شتى, سعاد الابنة المتوفاة الحاضرة بذكراها , و سوسن العابثة بالحياة و الموت , نزار الخال المثلي و الوحيد الذي وجدته عكس كل الشخصيات يسقط ليقوم أقوى من الأول و يحقق ذاته و هذا ما قد لا يمرره القارئ العربي على اعتبار أن المثلية ذاتها سقوط لا قيام بعده,و خلال هذا السرد الغريب نوعا ما عن السرد المتعارف عليه في الرواية حيث لم أجد حكاية موحدة بأحداث بل فقط سرد لذكريات شخصيات سرد مفرط أحيانا في تفاصيل مكررة بشكل ممل و سرد عنكبوتي يأتي بشخصيات فرعية لتصبح أساسية لنضيع في بحر من الشخصيات و مآسيها على حساب الحبكة و أصل الحكاية , فماهي الحكاية في هذه الرواية أين هو المشكل أو العقدة التي تتطور الأحداث لتصل اليها ليحدث بعد ذلك الانفراج السلبي أو الايجابي المنهي للعقدة بل أين هو الحدث , الحدث في رواية خالد خليفة هو الشخصية ذاتها فلكل شخصية تطور حياتي معين قد يكون متطرفا و فاصلا بشكل مبالغ فيه لكن الكاتب فضل أن  يكون  الحكي بهذه الطريقة  و هو القائل أنا لا أصنع شخصياتي و لا أقيد حريتها بل أمنحها حرية العيش و العيش هنا المقصود منه بطبيعة الحال عدم العيش فالرواية حسب الكاتب فن ديمقراطي و حر, لم أفهم كثيرا هذه الفرضية كل ما حاولت أن أفهمه هل هذه الرواية تنتمي فعلا الى فن الرواية أو هل هي تجديد في أساليب هذا الفن  و هو أمر على المختصين أن يخبروننا به , أما بالنسبة لي كقارئة اقول على الكتاب العرب أن يجتهدوا قليلا ليمنحونا متعة قراءة رواية تستطيع أن تنافس الأدب العالمي فالرواية ليست بوحا بين صديق و صديقه و ليست وصفا لشخصيات يائسة متورطة في سوداويتها و ليست حسابا يصفى مع أنظمة سابقة و ليست بكائيات على جدار صبرنا و مللنا من كل هذا, الرواية هي قبل كل هذا عمل ابداعي يحترم حبكة ما و نسقا ما يصب في الخطاب المجتمعي المعاصر لكن بأستاذية تبتعد عن الاستخفاف.أو المنطفي نتانينت

Commentaires