تلك العتمة الباهرة للطاهر بن جلون






يقول بابلو نيرودا "عندما يفكر السجين بالنور فهل هو ذاته الذي يضيء"
فيجيبه الطاهر بن جلون بلى تلك هي العتمة الباهرة..
رواية ترصد ثمانية عشر سنة من عمر عزيز بنبين صاحب زنزانة رقم 13 من جناح ب من سجن تازمامارت حيث يقضي عقوبته بعد محاولة انقلاب فاشلة على الحسن الثاني,شهادة حية صاغها الطاهر بن جلون أدبيا فخرجت الحكمة من رحم الصمت و العتمة التي تزيد مع ضيق الجدران لا يخففها سوى الصوت الذي لعب دورا حيويا في التخفيف عن السجناء صوت الحكايا التي تذكرها عزيز و أخرى تخيلها محاولا ترك باب الأمل مفتوحا لزملائه هذا الأمل الذي جلد أكثر من مرة مع وفاة أحد السجناء و دفنه بطريقة لا تقل بشاعة عن الموت ذاته..الرواية على خلاف شهادات غيره من السجناء في كتب أخرى اعتمدت على الجانب الأسري لعزيز بين والد متهور بنعم بالرفاهية في قصور الذين خطفوا ودمروا انسانية ابنه و أم مثابرة فعلت المستحيل لتربية ابنائها في غياب زوجها..عشنا مع عزيز في مناجاة ساحرة أقرب الى التصوف ساعدته على التحليق عاليا بعيدا عن جدران السجن و لو للحظات جددت نشاطه حتى اقترب من النرفانا ينزل احيانا الى الواقع ليكمل حكايته معبقة بروائح سكنتنا طيلة القراءة ووترت أعصابنا لم نرتح منها الا بالسراح.. من اصل ثلاثة عشر سجين خرج اربعة فقط منهم البطل عزيز اربعة نجد المرزوقي في كتابه يصفهم بقايا رجال غطتهم شعورهم يمشون على أربع من هول ما رأوه و عاشوه مدثرين بقذارتهم.
افظع شيء عاشه قاطنوا تازمامارت و ربما تكون حالة اي سجين سياسي تلك الغربة الاجتماعية و العائلية التي تجبرهم على العودة الى ذكريات السجن بتفاصيلها فيعيشون الالم مرتين..
لا حول ولا قوة الا بالله
ملاحظة : لمن لم يقرأ العتمة الباهرة بعد لو كنت تبحث عن تفاصيل عن الحياة في تازمامارت لن تجدها في هذه الرواية عليك بشهادات حقيقية كالمرزوقي في كتابه الزنزانة 10 و الرايس في كتابه جحيم تازمامارت وغيرهما..
قراءة ممتعة



Commentaires